الفتاه والذئاب البشريه بقلم فارس عزيز الحسيني.
انت في الصفحة 1 من صفحتين
الفتاه والذئاب البشريه بقلم فارس عزيز الحسيني.
فَتاةٌ عِشرينيَّةٌ في طَريقِها إِلى البَيتِ _ في ساعَةٍ مُتَأَخِّرَةٍ مِنَ اللَّيلِ _ في بُستانٍ تَنبَحُ فِيهِ الكِلابُ بِأصواتٍ عالِيَةٍ بَثَّتِ الخَوفَ في أعصابِها ، فَوَقَفَتْ تَنتَظِرُ رَجُلًا لِكَي يُوصِلَها إلى بَيتِها ، فَمَرَّ بِها جَماعَةٌ مِنَ الشَّبابِ يَقدِمُهُم رَجُلٌ كَهْلٌ ، فَنادَتْهُ بِصَوتٍ مُتَضَرِّعٍ :
__ يا عَمُّ : أنا خائِفَةٌ من أسرابِ الكِلابِ الَّتي تَعتَرِضُ طَريقي إلى بَيتي ؛ فَهَل لَكَ أن تُرافِقَني حَتَّى أَجتازَ هذهِ الكِلابَ السَّائِبَة ؟!
__ طَبعًا !
فَشَكَرَتْ شَهامَتَهُ، وَ سارَتْ إلى جانِبِهِ ، وَ بَعدَ دَقائِقَ من سَيرِهِمْ قالَ لها __ بلَهجَةٍ مُريبَةٍ ، اقشَعَرَّ جلدُها مِنها __ :
__ ما الَّذي يَجعَلُ فَتاةً جَميلَةً مِثلَكِ تَخرُجُ في هذه السَّاعَةِ المُتَأخِّرَةِ مِنَ اللَّيل بِمُفرَدِها ؟! لا بُدَّ أنَّكِ امرَأةٌ سَيِّئَةُ السُّمعَةِ ، وَ كُنتِ في مَكانٍ مَشبُوهٍ !
فَأَخَذَ الشَّبابُ الَّذينَ مَعَهُ يَضحَكُونَ ، بِصَفاقَةٍ ، وَ قالَ أحدُهُم :
__ التِفاتَةٌ ذَكِيَّةٌ !
فَصاحَتْ بِهِ - بِحَنَقٍ - :
__ أرجُوكُم لا تُسِيئُوا ظَنَّكُم بِيَ ؛ فَأنا بِنتُ أكارِمَ وَ أكابِرَ ، وَ قَد كُنتُ في المُستَشفى مَعَ أبي المَريضِ الَّذي لَيسَ لَهُ سِوايَ ، وَ قَد جِئتُ لِأَخذِ بَعضِ أغراضِهِ مِنَ البَيتِ !
فَقالَ لَها ذلِكَ الرَّجُلُ الكَهْلُ __ وَ هُوَ يَحدِجُها بِعَينينِ مُحمَرَّتَينِ __ :
__ مَهمَا كانَ أمرُكِ ، فَأنتِ الآنَ غَنِيمَةٌ لي !
__ أردتُكُم أن تَحمُوني مِن الكِلابِ ، فَهاجَمتُمُوني يا ذِئاب !
وَ راحَ ذلكَ الكَهْلُ يُصارِعُها لِيَطرَحَها أرضًا وَ ينالُوا وَطَرَهُم مِنها ، حَتَّى هَجَمَتْ عَلَيهِم الكِلابُ السَّائِبَةُ بِشَراسَةٍ ؛ فَاهتَبَلَتِ المَرأةُ الفُرصَةَ فَفَرَّتْ مِنهُم ، وَ هِيَ تَسمَعُ تَأوُّهاتِهِم من عَضَّاتِ الكِلابِ الهائِجَةِ !